قد يهمك

تعاقب المنصات المستخدم على أخطاء الواقع

 


منصة «تويتش» التابعة لشركة أمازون أعلنت تغيير قواعد المنصة التي يعتبرها الكثيرون صانعة المشاهير، أكثر من مجرد كونها خدمة أومنصة، حيث  أعلنت إقرار سياسة استخدام رسمية جديدة تحمل مشتركيها مسؤولية أفعالهم الطائشة سواء كانت داخل المنصة أو في العالمالحقيقي أو في منصات افتراضية أخرى مثل «ديسكورد» أو «تويتر» أو غيرها.


بحيث يأتي هذا التطور اللافت بعد أشهر من مجموعة حوادث مزعجة حدثت بالأساس على المنصة، حيث تقدمت عشرات النساء في يونيوالماضي بشكاوى تتعلق بسوء السلوك ضد مجموعة من مشاهير بث ألعاب الفيديو على المنصة، وتوالت الاتهامات والتجارب المروعة عبر موقعتويتر وغيره ضد بعض كبار مستخدمي المنصة وأساءوا استغلالها، ما أدى إلى وقوع أضرار مهنية وإنسانية ضخمة على عدد من تقدموابالشكاوى.


و قامت المنصة بحظر وتعليق العديد من هذه الحسابات، كان من بينهم اثنان من كبار المستخدمين القادرين على تلقي الأموال من المتابعينوهو امتياز لا يحظى به الكثيرون، وجاءت تلك القرارات وسط حركة تصحيح عالمية لمواجهة الانتهاكات ضد النساء وجدل حول المسؤولية التيتتحملها المنصات تجاه سلوك مستخدميها.


وتشير سارة كليمنس مديرة العمليات في تويتش في تصريحات لمجلة «ويرد» المختصة في التكنولوجيا: «إن التحقيق في تلك المزاعم أظهرمدى صعوبة المراجعة واتخاذ القرارات خاصة مع عدم وجود سياسة تسمح بالتحقيق في الانتهاكات التي تحدث خارج المنصة، الأمر الذيدعا الشركة للنظر إلى الموضوع بكامل جوانبه، وجاء الحل بوضع سياسة جديدة تسمح بالتعاون مع شركة محاماة خارجية مستقلة لفحصأي جرائم يُتهم بها مستخدمو المنصة حتى لو حدثت في العالم الحقيقي».

حيث بهذه الخطوة الجريئة، تضع تويتش نفسها في طليعة المنصات التي تسعى ليس فقط للتأكد من أمان المحتوى الذي تقدمه بالنسبةللمجتمع، ولكن أيضاً ضمان أمان المستخدمين الذين أنشأوه. وتنطبق السياسة الجديدة على جميع المستخدمين، بما في ذلك الشركاءوالتابعون وحتى المستخدم غير المعروف.


وعلى الرغم من عدم وجود سياسة رسمية للتحقيق في الانتهاكات، فإن العديد من المنصات التي تصنع الملوك الرقميين مثل تويتش ويوتيوبقامت في الماضي بحذف حسابات المستخدمين الذين يضرون بالمجتمع بسبب أشياء قالوها أو فعلوها في مكان آخر. ففي أواخر عام 2020 أعلن يوتيوب أنه أوقف مؤقتاً قناة الكوميديا NELK عندما شارك منتجو المحتوى بها في تجمع بجامعة ولاية إلينوى في الوقت الذى كان الحدالأقصى للتجمعات لا يزيد على 10 أشخاص في ذروة «كوفيد-19».


كما أن بعض المواقع التي تدعم مشاهير العالم الافتراضي اتخذت العديد من الإجراءات التأديبية ضدهم خلال السنوات الماضية بسببنوعية الخطاب والمحتوى، وليس بسبب التصرفات الخارجية، ففي عام 2017 قطعت منصة «باى بال» لتحويل الأموال الروابط مع عدد منالعنصريين البيض، وفى عام 2018 أزالت منصة «باتريون» حساب اليوتيوبر كارل بنجامين المناهض للنساء بسبب خطابه العنصري،بالإضافة إلى العديد من الحالات الأخرى، ولكن المشكلة أن المواقع التي تعتمد على مشاهير العالم الرقمي في الازدهار لا تميل إلىالتحقيق في اتهامات موجهة لمستخدميها الأكثر شهرة ونفوذاً، وهو الأمر الذي على وشك أن يتغير.


وتوضح كات لو، مديرة المراجعات في شركة ميدان لمحو الأمية التكنولوجية: «تمتلك المنصات آلياتها الخاصة للتعامل مع هذه القضايا»، فيإشارة إلى تعامل شركات المنصات مع المستخدمين المشاهير، ولكنها تؤكد أن مثل هذه التحقيقات أو القرارات لا يتم غالباً الإعلان عنها،خاصة وأن عمليات التحقيق في السلوك غير المقبول خارج المنصة يحتاج إلى دأب وأدلة موثقة وهو ما لا يتوافر بسهولة.


في النصف الثاني من عام 2020 فقط، تلقت منصة تويتش 7.4 مليون بلاغ من المستخدمين تتضمن جميع أنواع الانتهاكات، واستجابتلأكثر من 1.1 مليون بلاغ، وفق ما جاء في تقرير الشفافية الخاص بها. وفي تلك الفترة تصرفت المنصة في أكثر من 61 ألف حالة من حالاتالسلوك البغيض والتحرش، وتحركت المنصة في 67 حالة تتعلق بتهديدات إرهابية رفعت منها 16 حالة إلى سلطات إنفاذ القانون.


وعلى الرغم من أن شكاوى التحرش والتنمر تمثل نسبة كبيرة جداً من شكاوى المستخدمين، فإنه ووفقاً للسياسة الجديدة، فلن تقوم الشركةبالتحقيق فيها ما لم تحدث داخل المنصة، ولكن السلوك الخارجي الذي سيستدعى تدخل المنصة بالتحقيق هو ما تصفه في منشور عبرمدونتها الرسمية بأنه «الجرائم الخطيرة التي تشكل خطراً كبيراً على سلامة المجتمع، بما في ذلك العنف المميت، والتطرف الواضح،والتهديدات الصريحة بالعنف، والعضوية في مجموعات الكراهية وما إلى ذلك»، ولكن المنصة تقول بوضوح إن هذه السياسة الجديدة عرضةللتوسع في المستقبل.


ولأسباب تتعلق بالخصوصية، رفضت المنصة إعلان اسم شركة المحاماة التي تعاقدت معها لإجراء هذه التحقيقات، ولكنها أشارت إلى أنهامختصة في التحقيقات الحساسة، وبطبيعة الحال سيكون التحدي الأكبر هو التحقيق في اتهامات تطال كبار ومشاهير المستخدمين، وتقولكليمنس إن المنصة تأمل في العمل مع جهات أخرى للتحقق من الأدلة في هذه التحقيقات، حيث يسهل التلاعب بها لأنها أدلة رقمية فيالغالب.


التحقق من السلوك خارج الخدمة لم يكن أبداً هو القاعدة التي تتعامل بها المنصات الاجتماعية مع المستخدمين، ولكن يبدو أن الأمر يتغيربسرعة.




وضع القراءة :
حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-